كتاب الأمير لـ نيكولو ميكافيلي
في عالمٍ يضجّ بالمثالية السياسية والخطابات المعسولة، يطلّ علينا كتاب "الأمير" لنيكولو ميكافيلي كمرآة صادمة تعكس الواقع المجرد للسلطة. كتابٌ كُتب في زمن التقلّبات الكبرى، لكنه ظل حيًّا كأنما كُتب اليوم، لأنه يتناول الثوابت النفسية والسياسية التي لم تتغير كثيرًا. وقد تعددت الآراء حوله بين من رآه مرجعًا واقعيًا للحكم، ومن وصف صاحبه بـ"أستاذ الشر". وفي كل الأحوال، لا يمكن تجاهل أثره العميق في الفكر السياسي.
في هذا العمل، قدّم ميكافيلي صفات ومبادئ يجب أن يتحلّى بها الأمير ليحافظ على سلطته، أو ليُصبح حاكمًا مثاليًا في نظره. اخترت لكم بعضًا من أبرزها:
• حبّي لنفسي يسبق حبّي لبلادي.
• قبل كل شيء؛ كن مسلّحًا وجاهزًا.
• في الأمور، ينبغي النظر إلى الغاية لا إلى الوسيلة.
• الحاكم الحكيم لا يلتزم بإيمانه إذا كان ضده.
• يجب منح المزايا والفوائد تدريجيًا؛ فهكذا يكون طَعمها أفضل.
• لا يفتقر الأمير أبدًا إلى الذرائع لكسر وعوده.
• عندما يحتلّ الأمير مستعمرة تختلف عن بلاده في العادات واللغة والتشريعات، فسيواجه صعوبات في الاحتفاظ بها. لذا عليه أن يقيم فيها شخصيًا، ثم ينشئ مستوطنة أو اثنتين في مناطق حيوية، ويوطّن جاليات موالية في مواقع استراتيجية. بذلك، لن يتضرر إلا من صودرت أراضيهم وممتلكاتهم.
• ينبغي للمرء أن يكون محبوبًا ومهابًا معًا، ولكن بما أن الجمع بين الاثنين صعب، فإن المهابة أكثر أمانًا من المحبة.
• على الأمير العاقل أن يفتعل العداوات بدهاء حين تسنح الفرصة، ليعزّز مكانته بالقضاء عليها.
• لا شيء أشدّ ضرورة من أن يتظاهر الأمير بالتديّن، فالناس يحكمون بعيونهم لا بعقولهم.
• يُعرف الحاكم وعقله من خلال الرجال الذين يحيطون به.
• من يظنّ أن الإحسان الحديث يمحو الإساءة السابقة من نفوس العظماء، فقد أخطأ.
• عندما يستعين الأمير بجاره ليدافع عنه بقواته، فإن هذه القوات تُسمى "قوات معاونة"، وهي عديمة الجدوى كالقوات المرتزقة: فإن هُزمت، هُزمتَ معها، وإن انتصرت، أصبحتَ أسيرًا لها.
• إذا كان لا مفرّ من إيذاء أحد، فلتفعل ذلك بقسوة تردعه عن الانتقام.
• الرجال عمومًا جاحدون، فصيحو اللسان، جشعون، ويتجنبون المخاطر. طالما يستفيدون منك، فأنت تملكهم.
• لا تحاول أبدًا أن تنتزع بالقوة ما يمكن تحقيقه بالخداع.
• على الأمير أن يخشى جميع خصومه، وبعض أصدقائه، ومعظم رعاياه، ويجب عليه أن يتخلص من أعدائه وحساده بكل ما أوتي من قوة.
قد يُصدم القارئ من بعض هذه الأفكار، لكن ميكافيلي لم يدّعِ أنه يكتب للأخلاق أو المثاليات، بل كتب للواقع كما رآه. "الأمير" ليس وصفة للرحمة، بل خريطة للبقاء في عالم تحكمه القوة والمصالح. وما بين السطور، يبقى السؤال مفتوحًا: هل يجب على الحاكم أن يكون طيبًا وعادلًا، أم قويًا وماكرًا؟
الجواب، كما يبدو، ليس في الكلمات، بل في التاريخ نفسه.
زاهر ڤويس جميع الحقوق محفوظة © 2025

تعليقات
إرسال تعليق