ثلاث نهايات لرجلٍ واحد ..
قصة عامر الذي عاش ثلاثة مصائر مختلفة، بناءً على قرار واحد لم يكن له وحده .. من المسؤول؟ اقرأ القصة وشاركني السؤال
اقترب عامر من نهاية مرحلته الثانوية، وعينه على كلية الآداب. قلبه مع الكلمة، يحلم أن يصبح كاتبًا، معلمًا، أو حتى قارئًا محترفًا. لكن الواقع لا يُترك دائمًا للاختيار.
www.ZaherVoice.com©
عامر، شاب في السابعة عشرة من عمره، على وشك التخرج من المرحلة الثانوية. كان حلمه طوال سنوات دراسته هو الالتحاق بكلية الآداب، ليحقق شغفه بالكتابة والأدب. لكن، ومع اقتراب موعد التقديم للجامعات، تدخل والدته لتخبره أن "الهندسة هي الطريق الأفضل لمستقبل مشرق". كانت تقول له دائمًا: "ابني، إذا درست الهندسة ستصبح الباش مهندس، الجميع سيفتخر بك". ضغطٌ كبير على قلبه، لكنه لم يستطع رفض رغبتها.
"في طريق الإدمان"
وبتوجيه من والديه، التحق عامر بكلية الهندسة، رغم أنه شعر في داخله بعدم الارتياح لهذا الخيار. بدأ في تكوين صداقات جديدة داخل الكلية، حيث أصبح محاطًا بشباب يحرصون على السهر وحضور الحفلات. وفي أحد الأيام، تعرف على فتاة تدعى "سمية"، التي كانت تعرف كيف تغريه بابتسامتها وحضورها. وسرعان ما بدأت العلاقة بينهما، وكانت مليئة بالإثارة والمغامرة. في البداية، كانت الأمور تبدو جيدة، ولكن مع مرور الوقت، وقع عامر في فخ الإدمان على السهر والمشروبات، وأصبح يتجاهل دراسته.
كلما شعر بالضياع، كان يلتجئ إلى سمية وأصدقائه الذين كانوا يعززون فيه فكرة أن الحياة لا تعني فقط النجاح الأكاديمي، بل الاستمتاع باللحظة. ومن هنا بدأت حياة عامر تتدهور، فتأثرت علاقته بالدراسة، وفقد الأمل في المستقبل. تخرج عامر من الجامعة، لكن كانت حياته مدمرة. الآن، يجلس في مكانه، يتساءل عن مصيره. هل كان والديه من أجبراه على هذا المسار؟
"البحث عن الإيمان"
عامر نفسه، ولكن هذه المرة مع تغير بسيط في الظروف. بعد أن تدخل الأهل ليجبرونه على دراسة الشريعة والقانون بدلاً من الأدب، قرر أن يتبع نصيحة العمة التي كانت قد أخبرته دائمًا أن "الدين هو السبيل للطمأنينة" وأن "النجاح الحقيقي يكمن في التقرب من الله". كان يشعر بخواء داخلي، ورغبة في البحث عن معنى لحياته.
توجه عامر إلى مجموعة من الأصدقاء الجدد، كان معظمهم من الشباب المتدينين، الذين دعوه لحضور جلسات دينية ومحاضرات عن الإيمان. وفي لحظة من اليأس، بدأ يندمج في هذه البيئة، وكان يعتقد أن هذه هي طريقه للسلام الداخلي. بدأ يقرأ الكتب الدينية ويشارك في الأنشطة الخيرية.
مع مرور الوقت، بدأ عامر يشعر أنه قد وجد طريقًا جديدًا للعيش، حيث بدأ يعتقد أن التوجه الديني هو الطريق الذي سيمنحه الاستقرار. وعلى الرغم من تغير سلوكه واهتماماته، إلا أنه بدأ يشعر بالراحة والهدوء. ولكن هل كانت هذه هي حياته التي اختارها بحرية، أم أنها كانت ببساطة استجابة لضغط عائلته وأصدقائه؟ هل كان يستطيع العيش بطريقة أخرى؟
"البحث عن الذات"
في هذا الفصل، ينقلب مسار القصة مجددًا. نفس الشاب، لكن الظروف هذه المرة مختلفة. بعد أن اجتاز عامر سنوات من التوجيهات الخارجية، قرر أن يستعيد زمام الأمور ويضع نفسه في مكان يستطيع فيه اختيار مصيره بحرية. بعد تخرجه من الهندسة، قرر أن يتبع قلبه، ويدخل عالم الأدب، رغم كل التحذيرات من عائلته التي كانت تعتبر الأدب مجرد "هواية" غير مجدية.
سجل في دورة كتابة إبداعية، وأصبح يكتب القصص والشعر. تعرف على شابة تعجب بحلمه وإصراره على السعي وراء شغفه، وكانت هذه العلاقة تفتح له آفاقًا جديدة من الفهم. سرعان ما تزوجا، وأصبح لديهم حياة مستقرة رغم التحديات. لم تكن حياته خالية من المشاكل، لكنه كان يعرف أنها حياته التي اختارها.
هنا، كان بإمكان عامر أن يختار أكثر من مرة: إما أن يتبع رغبات أهله ويتجه إلى الهندسة أو الشريعة والقانون، أو أن يسير في طريقه الخاص الذي ربما يكون غير مضمون، لكن يظل يحقق له السلام الداخلي. في النهاية، تمكن من تحقيق التوازن بين شغفه الشخصي ومسؤولياته. ولكنه يتساءل الآن: هل كان هذا حقًا اختياره، أم كان ببساطة انعكاسًا للحرية التي وجدها بعد سنوات من الطاعة والضغوط؟
----------
من هو عامر؟
هل هو ذاته في كل الفصول؟
هل تُحدد هويتنا باختياراتنا أم بالطرق التي يُرسم لنا أن نسلكها؟
لو تُرك لاختياره، هل كان سيجد نفسه؟
أم كان سيضيع فيها أيضًا؟
من المسؤول حقًا؟
الابن؟ الأب؟ العمة؟ المجتمع؟
أم أن المصير أحيانًا لا يكون سوى نتيجة لاختيارٍ لم نختره، بل اختير لنا؟
تعليقات
إرسال تعليق