مراهقون .. أم صنّاع التاريخ؟
تأملات في الثقة، والتحول من المراهقة إلى النضج.
في ثقافتنا الحديثة، يُطلق مصطلح "مراهق" على من تتراوح أعمارهم بين الرابعة عشرة والعشرين، وغالبًا ما يُقترن هذا الوصف بصور سلبية: التمرد، التهور، والتشتت. لكن لو قلبنا صفحات التاريخ، سنجد شبابًا في هذه الفئة العمرية حملوا الرايات، وحرروا المدن، وقادوا جيوشًا، وغيروا مجرى الأحداث. فهل كانت المراهقة عيبًا لديهم، أم أننا نحن من ضخمنا المصطلح وجرّدناه من الثقة؟
أنشئت الصورة بواسطة المؤلف باستخدام ChatGP
أسامة بن زيد، القائد
أسامة بن زيد، القائد المراهق الذي اختاره النبي، كان في الثامنة عشرة من عمره حين عيّنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قائدًا لجيش المسلمين المتوجه إلى بلاد الشام. لم يكن اختياره صدفة، بل كان تجسيدًا لثقة عميقة بقدرة الشباب على القيادة، وتأكيدًا أن النضج لا يُقاس بالعمر، بل بالإيمان والهمة والاستعداد لتحمل المسؤولية.
محمد بن القاسم الثقفي
محمد بن القاسم الثقفي، ابن السبعة عشر عامًا، قاد جيشًا لفتح بلاد السند. في هذا السن الذي يُعتقد اليوم أنه وقت "تجريب وارتباك"، كان محمد يفاوض الملوك ويخطط المعارك ويكتب اسمه في التاريخ الإسلامي كأحد أصغر القادة الذين نشروا العدل والإسلام في بقاع جديدة.
محمد الفاتح
أما محمد الفاتح، فقد فتح القسطنطينية وعمره 22 سنة، بعد أن تربى منذ صغره على حب الفتح والعلم والقيادة. لم ينتظر شهادة جامعية أو "نضجًا" بيولوجيًا ليُحدث تغييرًا حضاريًا؛ بل تسلح بالإعداد النفسي والمعرفي منذ نعومة أظافره، حتى صار فتحه لحصن بيزنطة الأعظم بمثابة إعلان عالمي لقدرة الشباب على صناعة المجد.
مصطلح "المراهقة"
مصطلح "المراهقة" بحد ذاته، كما تشير بعض الدراسات التربوية، هو مفهوم غربي حديث لم يكن له وجود بهذا الشكل السلبي في الثقافات الإسلامية القديمة. حين نُحمّل الشباب صورة المراهق المتهور، فإننا ننتزع منهم الثقة، ونضعهم في قوالب جاهزة تعيق نضوجهم الحقيقي. فالمجتمعات التي تعيد تعريف شبابها على أنهم "أمل" لا "مشكلة"، تفتح أمامهم دروب الإنجاز.
إنها ليست مسألة عمر، بل مسألة إيمان بقدرتك.
فهل تؤمن بنفسك كما آمنوا بأنفسهم؟

تعليقات
إرسال تعليق