لماذا كل الناس تتحول لمراسلين أخبار عن حياتك؟
أيش علي انا من الناس وأيش على الناس منّي .. هكذا غناها الفنان خالد الشيخ.
ولكن غالبية الناس لا ترحم .. أحيانًا تحس إنك لم تطلب من أحد تصريح رسمي يتابع حياتك، لكن فجأة كل الناس حولك صاروا مراسلين ومحللين ومقدّمي برامج!
لا تمر من شارع، أو تضحك في مجلس، إلا ويبدأ البث المباشر لتحليل تصرفاتك:
تنويه: تم استخدام الصورة المرافقة لأغراض ثقافية أو توضيحية أو سردية، مع حفظ كامل الحقوق لأصحابها الأصليين
"قال صباح الخير؟ ماله؟ متعود يقول السلام عليكم!"
"شفتوه؟ غير نغمته!"
"أكيد في شيء!"
"اليوم كان ساكت."
"شكله ناوي على حاجة!"
"واضح إنه مضغوط!"
"في حد زعّله!"
يا جماعة، كأن الإنسان لازم يكون في مزاج ثابت وبرنامج محدد ولا يتغير، وإلا صار "قصة"! طيب، يمكن مزاجه؟ يمكن زهق؟ يمكن سرحان؟ مش لازم كل شيء يكون تحليل وتفسير وتضخيم.
في ناس عندهم فراغ كبير، لدرجة إنهم قرروا يملؤوه بمراقبة حياة غيرهم. لا عندهم كتاب نافع، ولا هدف واضح، ولا حتى اهتمام بنفسهم. لكنه متفرغ تمامًا ليراقب وينقل ويعلّق ويضيف نكهة من عنده! والمشكلة؟ مش بس يراقب! لا، يحب يحلل، يقتبس، يركّب، ويشوّه لو تطلّب الأمر.
واحد يقول:
"هو يحب يلف ويدور"،
ثاني يقول: "شايف نفسه"،
وثالث يتفلسف: "متأثر بفلان!"
يا أخي حتى "نظرته" صارت محل جدل!
لماذا؟ هل الناس أصبحت نشرة أخبار؟ هل كل واحد صار عنده برنامج "حديث المدينة" الخاص به؟ أنت مش خبر عاجل، ولا مادة يومية لبرنامجهم الصباحي.
اللي يراقب الناس بهذا الشكل ليس بناقد .. غالبًا شخص فاضي، ويمكن حاسد، ويمكن يعاني من متلازمة: "ما أرتاح إلا لما أشوف غيري متوتر."
لكن معلش، خذها ببساطة: لن تُوتّر أحدًا. الناس بتعيش، بتضحك، بتشتغل، وبتحاول تستمتع بأي لحظة تمرّ فيها.
ولو تصرّف أحد بشيء لم يعجبك؟ ببساطة: أعمل نفسك مش شايفه. مش لازم كل شيء نعلّق عليه، ومش كل تغيير يعني كارثة قادمة.
في النهاية؟
في ناس تعيش، وفي ناس تعيش على أخبار الناس.
الأولى تبني نفسها. والثانية واقفة في مكانها تتفرّج وتثرثر.
وعلى كل حال، الحياة أوسع من أن تُختزل في مراقبة الآخرين.
عش ودع غيرك يعيش.
دعوا الخلق للخالق .. اسأل الله لكم الشفاء والمغفرة،،
نُشر ضمن سلسلة "زاهر ڤويس"
حيث تُكتب الفكرة قبل أن يصل صداها.
زاهر ڤويس جميع الحقوق محفوظة © 2025

تعليقات
إرسال تعليق