الملكة ماري الأولى Queen Mary I of England
حين يُحاكمك التاريخ من زاوية واحدة
قبل البدء بالحديث عنها، يجب التفريق بينها وبين:
- ماري تيودور، ملكة فرنسا: وهي أميرة إنجليزية، والابنة الصغرى للملك هنري السابع ملك إنجلترا، والزوجة الثالثة للملك الفرنسي لويس الثاني عشر. تزوّجته وهي بعمر 18 سنة، وكان هو بعمر 52 سنة.
- ماري، ملكة اسكتلندا: وتُعرف أيضاً باسم ماري ستيوارت أو ماري الأولى، وهي ابنة الملك جيمس الخامس ملك اسكتلندا.
- ماري أنطوانيت: وهي آخر ملكات فرنسا قبل الثورة الفرنسية، والابنة الصغرى للإمبراطورة ماريا تيريزا والإمبراطور فرانسيس الأول.
أنشئت الصورة بواسطة المؤلف باستخدام ChatGP
حديثنا اليوم عن الملكة ماري الأولى أو ماري تيودور، ملكة إنجلترا، وُلدت عام 1516م، واعتلت العرش عام 1553م حتى وفاتها عام 1558م. وقد سماها أعداؤها من البروتستانت "ماري الدموية" Bloody Mary، لأن أكثر من ثلاثمائة شخص أُعدموا في عهدها حرقًا بتهمة الهرطقة (heretic)، أي إنكار بعض المعتقدات الدينية وإدخال معتقدات جديدة.
وهي ملكة إنجلترا، وابنة الملك "هنري الثامن" والملكة "كاترين أراغون"، الزوجة الأولى لهنري الثامن، والذي اشتهر بزيجاته الست:
(الأولى طلّقها، الثانية قطع رأسها، الثالثة توفيت، الرابعة طلّقها، الخامسة قطع رأسها، والسادسة نجَت منه)
وقد فصل كنيسة إنجلترا عن الكنيسة الكاثوليكية، ونصّب نفسه حاكمًا أعلى لها، محوّلاً معظم إنجلترا من الكاثوليكية إلى البروتستانتية. وتشير التقديرات القديمة إلى أنه تم إعدام ما يتراوح بين 57,000 و72,000 شخص خلال فترة حكمه التي امتدت 37 عامًا، وبعض المصادر تشكك في هذا الرقم. حتى لو أُعدم نصف هذا العدد، لم يُسمّه أحد بـ"الدموي" .. لماذا؟
لا أريد الخوض في تفاصيل حياتها كملكة، بل أودّ توضيح بعض النقاط عن طفولتها ونشأتها، وكيف اكتسبت قسوتها. فكثير من المؤرخين لا ينظرون إلى مسيرتها المأساوية ومعاناتها منذ الطفولة، بل ينكر البعض ذلك.
القسوة التي عاشتها في شبابها جعلتها ترى في الصلابة والصرامة وسائل للبقاء في الحكم. ولم تكن الوحيدة في ذلك العصر التي مارست القمع الديني؛ فأوروبا كلها كانت تعيش صراعات دموية بين الكاثوليك والبروتستانت.
أولاً، غضب والدها الملك عند ولادتها، فقد كان يتمنى إنجاب ذكرٍ ليرث العرش. ومنذ صغرها، شهدت معاملة والدها السيئة لأمها كاترين، سعيًا للخلاص منها ليتزوج بعشيقته آن بولين.
كان والدها يختلق التهم ضد والدتها لإعلان بطلان زواجه منها. وفي الخامسة عشرة من عمرها، نُفيت هي وأمها إلى مكانين منفصلين؛ فنُفيت كاترين إلى قلعة كمبلتون الموحشة، ومُنعَت ماري من زيارتها، حتى أثناء وفاتها وحيدة هناك.
وبعد ولادة أختها إليزابيث (غير الشقيقة) من زواجه الثاني، أعلن الملك أن ماري ابنة غير شرعية، وجردها من لقبها كأميرة.
ويذكر بعض المؤرخين أنها أُجبرت لاحقًا على خدمة أختها إليزابيث، وسكنت في أسوأ الغرف. وبسبب الشائعات، والخوف من أن تُقتل، والإهمال والإهانات، أصيبت بالوهن وبدأت تضعف وتمرض، فحينها فقط أشفق عليها والدها.
تولت ماري الحكم بعد فترة انتقالية، وبسبب التزامها الشديد بعقيدتها الكاثوليكية، وعدم تسامحها مع من يخالفها، واجهت عدّة ثورات استهدفتها شخصيًا.
تزوّجت الملك فيليب الإسباني، وقد أحبّته كثيرًا، لكنه كان يطمع في عرشها. وكانت ترغب بشدة في إنجاب وريث للعرش، لكن ذلك لم يتحقق.
وقد تسبّب زواجها في حرب كارثية مع فرنسا. وبعد وفاتها، اعتلت العرش أختها غير الشقيقة، البروتستانتية، الملكة "إليزابيث الأولى".
الروايات عنها كثيرة، وأكثرها كتبه أعداؤها البروتستانت، وقد وصفوها بأنها من أشرس وأبشع النساء في التاريخ.
فهل يمكن للتاريخ أن يُنصف امرأةً عاشت في زمنٍ لا يرحم، بين قسوة والد، وصراعات عقائدية، وحروب سياسية؟
تعليقات
إرسال تعليق