التخطي إلى المحتوى الرئيسي

تاريخ الإستعمار الإيطالي .. جرائم ومجازر تقشعرّ لها الأبدان

زاهر ڤويس ..

تاريخ الإستعمار الإيطالي

جرائم ومجازر تقشعرّ لها الأبدان

تبدأ القصة من إيطاليا وقبل بدء الحرب العالمية الثانية عندما قام "بينيتو موسوليني Benito Mussolini" الذي حكم إيطاليا، وتحت شعار "إحياء الامبراطورية الرومانية ونشر الحضارة.

تنويه: تم استخدام الصورة المرافقة لأغراض ثقافية أو توضيحية أو سردية، مع حفظ كامل الحقوق لأصحابها الأصليين

خلف الخطاب الأنيق للأنظمة الفاشية، ارتُكبت فظائع لا تزال محل جدل. فبحسب تقارير وأبحاث متفرقة، وادعاءات صدرت عن حركات مقاومة ومؤرخين، هناك من يقدّر ضحايا الاحتلال الإيطالي في ليبيا بنحو 100,000 قتيل، وضحايا الغزو في الحبشة بنحو 700,000، وفي يوغوسلافيا بنحو 500,000 قتيل. ورغم تضارب الأرقام وعدم توفّر مصادر محايدة توثّقها بدقة، فإن مجرد الإشارة إليها يكشف حجم العنف المسكوت عنه، والذي غالبًا ما جرى التعتيم عليه في السرديات الرسمية، خاصة خلال مرحلة ما بعد الحرب.

ليبيا

في ليبيا، قُتل عشرات الآلاف من الليبيين خلال حملات الإبادة الجماعية والتهجير القسري، خاصة في برقة، حيث تشير تقديرات المؤرخين إلى أن ما بين 80,000 إلى 100,000 ليبي لقوا حتفهم بين عامي 1928 و1932، خلال قمع المقاومة السنوسية بقيادة عمر المختار. وقد وثّق ذلك مؤرخون مثل جيل دي لافيرن وبنيامين ستورا، إضافةً إلى تقارير بريطانية وإيطالية لاحقة.

إثيوبيا

في إثيوبيا، أثناء غزوها عام 1935، استخدمت القوات الإيطالية الغازات السامة ضد المدنيين، وارتكبت مجازر أبرزها مجزرة أديس أبابا عام 1937، التي راح ضحيتها آلاف المدنيين انتقامًا لمحاولة اغتيال الحاكم الإيطالي غراتسياني. بينما لا يوجد رقم دقيق متفق عليه، تشير بعض التقديرات الأكاديمية (مثل دراسة المؤرخ Angelo Del Boca) إلى مقتل نحو 300,000 إلى 400,000 إثيوبي طوال سنوات الاحتلال، مع وجود ادعاءات محلية ترفع العدد إلى 700,000، وهي محل جدل.

يوغوسلافيا

في عام 1940، هاجمت القوات الإيطالية والألمانية مملكة يوغوسلافيا ودمّرتها خلال عشرة أيام، قبل أن تتقاسم الدولتان أراضيها؛ فذهب شمالها لألمانيا، وجنوبها لإيطاليا. وفي مواجهة هذا الاحتلال، قاد جوزيف بروز تيتو Josip Broz Tito حركة فدائية عنيفة ضد الجنرال الإيطالي ماريو رواتا Mario Roatta، الملقّب بـ"الوحش الأسود". لجأ رواتا إلى قاذفات اللهب لإحراق القرى والغابات بهدف حرمان الفدائيين من المخابئ والطعام، وأقام معسكرات اعتقال مات فيها الآلاف من الجوع والعطش، أبرزها معسكر "راب". كما اتبعت قواته سياسة "فرّق تسد" بين الصرب والكروات، مما أجّج فتنة دموية ما تزال آثارها قائمة حتى اليوم. وتشير مصادر متعددة، من تقارير محلية إلى دراسات أكاديمية، إلى أن عدد الضحايا قد يتراوح بين 50,000 و100,000 مدني، رغم بقاء هذه الأرقام محل جدل وبحاجة إلى مزيد من التوثيق والتحقيق الأكاديمي.

ورغم اختلاف الأرقام وتباين التقديرات بين المصادر الغربية والمحلية، فإن الثابت هو أن الاحتلال الإيطالي ارتكب جرائم حرب ممنهجة، موثّقة جزئيًا في أرشيفات روما ولندن، وإن بقي الكثير من فصولها طيّ الكتمان أو التجاهل الرسمي حتى اليوم.

خاتمة: دروس منسية

تُظهر هذه الحقائق أن التاريخ لا يُكتب بالانتصارات وحدها، بل كثيرًا ما يُعاد تشكيله بالصمت المتعمد عن الجرائم. إن تجاهل هذه الفظائع لا يُنصف الضحايا، ويُبقي دروس الماضي حبيسة الأرشيفات. وقد آن الأوان لمراجعة الروايات الرسمية، والاعتراف بالحقائق مهما كانت مؤلمة، لأن العدالة تبدأ بالاعتراف.

ولم يُحاسب أحد سوى "بينيتو موسوليني"، فيما بقيت كثير من الملفات مغلقة حتى كُشف بعضها لاحقًا بالصدفة عام 1989، على يد الباحث الأمريكي "مايكل بالومبو (Michael Palumbo)"، خلال تحقيقه في الأرشيفات الغربية حول جرائم الحرب.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة لهذا الشهر

حياء المرأة وأنوثتها .. بين الماضي والحاضر

عبده حسين الأدهل: ضوء في ممرات الاستعمار .. وانطفاء بفعل الرفاق

رسالة من جيلٍ شارف على الرحيل .. حين تصبح التقنية أقوى من ضمير البشر