كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته .. قصة قصيرة
حين يتسلل الفساد إلى بيت الأب الراحل ..
مات الأب .. ربّ الأسرة، ولم يُعرف سبب موته. كان العائل الوحيد، المخلص لزوجته، والمحبّ لأبنائه. وكان مصدر دخله الوحيد دكانًا صغيرًا مؤجّرًا، يصرف منه على عائلته ويعيش بكرامة وعزّة.
أنشئت الصورة بواسطة المؤلف باستخدام ChatGP
تقاتل الأبناء قبل دفن والدهم، وفي النهاية سيطر الابن الأكبر — المشاغب، الماكر، الكذّاب — على إخوته، ونصّب نفسه بديلًا عن والدهم، متحكمًا بالمنزل. حاول أعمامه وأخواله وجيرانه وبعض أهل الخير منعه، لكنهم لم ينجحوا، لأنه الابن الأكبر.
مضت الأيام، وتحوّلت الأحوال الهنيئة الرغدة إلى تعاسة وبؤس وجوع، بفضل "منجزات" رب الأسرة الجديد، الذي كان يبعثر مال الأسرة على أصدقائه وصديقاته، وعلى حفلاته، وشراء سيارة فاخرة وقطعة أرض خاصة به.
وبسبب سوء التصرف، لم تعد المصاريف تكفيه، فانطلق يبحث عن مصادر تغطي نفقاته الشخصية وملذاته، دون أن يعبأ بمن هو مسؤول عنهم أمام الله، وشرعًا، وقانونًا، وعُرفًا، وأدبًا، وأخلاقًا.
وبمكره ودهائه، استطاع إقناع بعض معارفه وجيرانه بمدّ يد العون له. لكن صرفياته ازدادت، وجشعه تضاعف، فبدأ يفرض على كل من يعولهم المشاركة في دفع مصاريف السكن والطعام وفواتير الكهرباء والماء. حتى إنه فرض عليهم دفع مبلغ شهري لتنظيف المنزل، وما أمامه، وفوقه، وتحته، وما بجانبه يمينًا ويسارًا. لم يترك شيئًا إلا وفرضه على أهله "من لحمه ودمه".
وما العمل؟ فمصاريفه تزداد، حتى قام برهن دكان والدهم دون علم إخوته.
ضاق الحال بالأسرة، وبدأ كل فرد يبحث عن مصدر دخل لتغطية متطلبات أخيهم الأكبر، "عائل الأسرة". ازدادت حياتهم مشقة وبؤسًا بسبب ظلمه، إذ نهب دخلهم، وحمّلهم أعباء إضافية.
أما الابن الأصغر، فلم يحتمل أعباء المعيشة، فتعلم السرقة، والغش، والرشوة، بل صار ينافق أخاه الأكبر طمعًا في فتات يسد به حاجاته.
استمرت سنوات العذاب، وحاول الإخوة نصحه، مذكّرينه بأنه من المفترض أن يصرف عليهم بعدما استولى على دخل دكان والدهم، لا العكس. لكنه لم يصغِ إلى شيء.
يوما بعد يوم، ضاق بهم الحال أكثر، فبدأ الإخوة بالتفكير في استعادة السيطرة على دكان والدهم وحسم الأمور. اندلعت معركة طاحنة بينهم، لم تدم طويلًا، وانتهت بطرده من المنزل واسترجاعهم حقهم الشرعي والقانوني.
لكن المفاجأة كانت أن الدكان مرهون، وليس لديهم القدرة على تغطية مصاريف معيشتهم، ناهيك عن سداد الديون المتراكمة.
وهنا تبدأ مرحلة جديدة .. تحتاج إلى قصة أخرى.
فيا ترى، ما نهاية كل وليّ أمر ظالم، لم يَرْعَ حق رعيته؟
"تنويه:" هذه المادة نُشرت سابقًا بتاريخ 23 أكتوبر 2011م،
تعليقات
إرسال تعليق