التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من أكتوبر, 2025

ميكافيلي ولوثر كينغ، الأول صادق العقل، والثاني مخلص للقلب

زاهر ڤويس .. حين يلتقي الذكاء بالضمير ميكافيلي ولوثر كينغ الأول صادق العقل، والثاني مخلص للقلب في كل عصر، يولد من لا يشبه عصره، من يرى ما بعد الجدران، وما خلف السحب، وما تحت قشرة المجتمع. رجل لا تستهويه النماذج الجاهزة، ولا يقنعه الواقع كما هو. اثنان من هؤلاء غيّرا التاريخ، كلٌ بطريقته: نيكولو ميكافيلي ومارتن لوثر كينغ الابن. أحدهما كتب للحُكّام، والآخر نادى للناس. أحدهما نظّر للسلطة، والآخر ضحّى من أجل العدالة. لكنهما اشتركا في شيء جوهري: كلاهما كان سابقًا لعصره. ميكافيلي .. عقل بارد في دهاليز السياسة في زمن الملوك والمكائد، وقف ميكافيلي ليقول الحقيقة كما هي: الناس لا يسيرون بالفضيلة فقط، بل بالخوف والطمع والمصلحة. والحاكم، إن أراد البقاء، عليه أن يكون مرنًا كالثعلب، ومهيبًا كالأسد. في كتابه "الأمير"، لم يكتب وصفة للعدالة، بل كُتيّب بقاء في غابة السلطة. أشاد بالخداع إن كان وسيلة للبقاء، ورأى أن التدين أداة سياسية لا أكثر. لم يكن يُروّج للشر، لكنه لم يُنكره إن خدم الاستقرار....

الوعي الذي لا يكتمل

زاهر ڤويس .. الوعي الذي لا يكتمل كلما قرأت أكثر، شعرت أنّني أعرف أقل، وكأنّ المعرفة ليست طريقًا إلى الضوء، بل سلسلة من نوافذ تُطل على ظلالٍ جديدة. يقول الناس: “أنت مثقف”، فأبتسم في صمتٍ لا ينفي ولا يقرّ، لأنّ المثقف في نظري ليس من وصل، بل من ظلّ يسير رغم اتساع المسافة. أرى نفسي على عتبة بعيدة من الفهم، لكنها تشتعل فيّ كجمرة لا تنطفئ، تذكّرني بأنّ الاكتمال موت، وأنّ النقصان حياة. فكلّ خطوة نحو المعرفة ليست اقترابًا من النهاية، بل بدايات أخرى لا تُحصى؛ كأنّ الوعي وعدٌ لا يُوفى، وسرٌّ لا يُكشف، بل يُسكنك ليبقيك في حالة سعيٍ دائم إلى ما لن يُدرك تمامًا. مقياس الثقافة كثيرون يظنون أن الثقافة تُقاس بالمقارنة مع الآخرين؛ فيبحث المرء عن جاهلٍ يبدو أمامه واسع المعرفة، أو عن عالمٍ يشعر أمامه بالصِغَر. لكن تلك المقارنات لا تكشف سوى الغرور أو العجز، ولا تقول شيئًا عن عمق الوعي نفسه. المقياس الحقيقي لا يكون بينك وبين الناس، بل بينك وبين العلم الذي أمامك، بين ما تعرفه وما لا تعرفه بعد. فالثقافة لا تُقاس بالمسافة...

أثقال المعرفة وطمأنينة الجهل

زاهر ڤويس .. أثقال المعرفة وطمأنينة الجهل بين نعمة العلم وراحة الغفلة هل يمنحنا الوعي نجاة أم يسرق الطمأنينة؟ كلما ازداد الإنسان علمًا، ازداد وعيًا. وكلما اتّسع وعيه، ازدادت رؤيته للأشياء: الخير والشر، الخطر والأمل، الجمال والتشوّه. لكنه، في المقابل، يفقد شيئًا من الطمأنينة التي كان ينعم بها حين لم يكن يعلم. www.ZaherVoice.com© الجهل – في كثير من الأحيان – يشبه غفوة طفل لا تزعجها المخاطر ولا الأحلام، بينما المعرفة توقظك على أصوات كثيرة: بعضها جميل .. وبعضها لا يُحتمل. قد تمرّ أمم في هذه الدنيا وتغادرها، وهي لم تُدرك يومًا حجم الأخطار التي كانت تلتفّ حولها. لا لأنها كانت قوية .. بل لأنها كانت غافلة. القارب العائم ولتوضيح ذلك، تذكرتُ مشهدًا بسيطًا.. تخيّل قاربًا صغيرًا يمضي فوق نهر هادئ، وعليه رجل لا يعلم أن القارب يتجه ببطء الى شلال صغير، هو مبتسم، مسترخٍ، لا يشعر بالخطر. بينما على الضفّة، يقف آخر يعلم، يلوّح له، يحذّره، لكنه لا يسمع .. أو لا يُدرك ما يُقال. وفي الأخير تغير اتجاه الرياح ليبعد ...