التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

مرحبًا بك في مدونة زاهر ڤويس

الوعي الذي لا يكتمل

زاهر ڤويس .. الوعي الذي لا يكتمل كلما قرأت أكثر، شعرت أنّني أعرف أقل، وكأنّ المعرفة ليست طريقًا إلى الضوء، بل سلسلة من نوافذ تُطل على ظلالٍ جديدة. يقول الناس: “أنت مثقف”، فأبتسم في صمتٍ لا ينفي ولا يقرّ، لأنّ المثقف في نظري ليس من وصل، بل من ظلّ يسير رغم اتساع المسافة. أرى نفسي على عتبة بعيدة من الفهم، لكنها تشتعل فيّ كجمرة لا تنطفئ، تذكّرني بأنّ الاكتمال موت، وأنّ النقصان حياة. فكلّ خطوة نحو المعرفة ليست اقترابًا من النهاية، بل بدايات أخرى لا تُحصى؛ كأنّ الوعي وعدٌ لا يُوفى، وسرٌّ لا يُكشف، بل يُسكنك ليبقيك في حالة سعيٍ دائم إلى ما لن يُدرك تمامًا. مقياس الثقافة كثيرون يظنون أن الثقافة تُقاس بالمقارنة مع الآخرين؛ فيبحث المرء عن جاهلٍ يبدو أمامه واسع المعرفة، أو عن عالمٍ يشعر أمامه بالصِغَر. لكن تلك المقارنات لا تكشف سوى الغرور أو العجز، ولا تقول شيئًا عن عمق الوعي نفسه. المقياس الحقيقي لا يكون بينك وبين الناس، بل بينك وبين العلم الذي أمامك، بين ما تعرفه وما لا تعرفه بعد. فالثقافة لا تُقاس بالمسافة...
آخر المشاركات

أثقال المعرفة وطمأنينة الجهل

زاهر ڤويس .. أثقال المعرفة وطمأنينة الجهل بين نعمة العلم وراحة الغفلة هل يمنحنا الوعي نجاة أم يسرق الطمأنينة؟ كلما ازداد الإنسان علمًا، ازداد وعيًا. وكلما اتّسع وعيه، ازدادت رؤيته للأشياء: الخير والشر، الخطر والأمل، الجمال والتشوّه. لكنه، في المقابل، يفقد شيئًا من الطمأنينة التي كان ينعم بها حين لم يكن يعلم. www.ZaherVoice.com© الجهل – في كثير من الأحيان – يشبه غفوة طفل لا تزعجها المخاطر ولا الأحلام، بينما المعرفة توقظك على أصوات كثيرة: بعضها جميل .. وبعضها لا يُحتمل. قد تمرّ أمم في هذه الدنيا وتغادرها، وهي لم تُدرك يومًا حجم الأخطار التي كانت تلتفّ حولها. لا لأنها كانت قوية .. بل لأنها كانت غافلة. القارب العائم ولتوضيح ذلك، تذكرتُ مشهدًا بسيطًا.. تخيّل قاربًا صغيرًا يمضي فوق نهر هادئ، وعليه رجل لا يعلم أن القارب يتجه ببطء الى شلال صغير، هو مبتسم، مسترخٍ، لا يشعر بالخطر. بينما على الضفّة، يقف آخر يعلم، يلوّح له، يحذّره، لكنه لا يسمع .. أو لا يُدرك ما يُقال. وفي الأخير تغير اتجاه الرياح ليبعد ...

هل كل من لبس معطفًا أبيض هو "دكتور"؟

زاهر ڤويس .. هل كل من لبس معطفًا أبيض هو "دكتور"؟ ما دفعني للكتابة عن هذا الموضوع تجربة شخصية مررت بها مؤخرًا. خلال وعكة صحية، ذهبت إلى عيادة أحد المختصين لأخذ حقنة وفق وصف الطبيب، وهناك التقيت بالمُجارِح الذي كان مسؤولًا عن إعطاء الحقن. أثناء حديثنا، سألته عن اسمه، فأجاب: "الدكتور فلان". صراحة، صدمت ولم أتمالك نفسي للاستمرار في الحديث. قلت في نفسي: لا، على الأقل يجب توضيح الفرق بين الدكتور وبقية الاختصاصات. أليس من الظلم أن يساوي أي شخص نفسه بمن أفنى سنوات من عمره ليحصل على هذا العلم واللقب؟ معنى كلمة "دكتور" وأصلها كلمة دكتور أصلها من اللاتينية docere، ومعناها: يعلّم أو يدرّس. في الجامعات الأوروبية القديمة، كان لقب Doctor يُمنح لمن بلغ أعلى درجات العلم وأصبح مؤهلاً ليُعلّم غيره. ثم مع مرور الوقت، ارتبط اللقب بالأطباء لأنهم كانوا من أكثر من يحصلون على تلك الدرجات، وانتقل إلى اللغة العربية بصيغته المنقولة "دكتور"، فصار يطلق على الأطباء ثم توسع استعماله ليشمل كل من له صلة ب...

مراهقون .. أم صنّاع التاريخ؟

زاهر ڤويس .. مراهقون أم صنّاع التاريخ؟ مراهقون .. أم صنّاع التاريخ؟ تأملات في الثقة، والتحول من المراهقة إلى النضج. في ثقافتنا الحديثة، يُطلق مصطلح "مراهق" على من تتراوح أعمارهم بين الرابعة عشرة والعشرين، وغالبًا ما يُقترن هذا الوصف بصور سلبية: التمرد، التهور، والتشتت. لكن لو قلبنا صفحات التاريخ، سنجد شبابًا في هذه الفئة العمرية حملوا الرايات، وحرروا المدن، وقادوا جيوشًا، وغيروا مجرى الأحداث. فهل كانت المراهقة عيبًا لديهم، أم أننا نحن من ضخمنا المصطلح وجرّدناه من الثقة؟ أنشئت الصورة بواسطة المؤلف باستخدام ChatGP أسامة بن زيد، القائد أسامة بن زيد، القائد المراهق الذي اختاره النبي، كان في الثامنة عشرة من عمره حين عيّنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قائدًا لجيش المسلمين المتوجه إلى بلاد الشام. لم يكن اختياره صدفة، بل كان تجسيدًا لثقة عميقة بقدرة الشباب على القيادة، وتأكيدًا أن النضج لا يُقاس بالعمر، بل بالإيمان والهمة والاستعداد لتحمل المسؤولية. محمد بن القاسم الثقفي محمد بن القاسم الثقفي، ابن السبعة...

هل تعلم أن الأرقام العربية صُمّمت بناءً على عدد الزوايا؟

زاهر ڤويس .. هل تعلم أن الأرقام العربية صُمّمت بناءً على عدد الزوايا؟ الأرقام التي نستخدمها يوميًا (1، 2، 3...) تبدو لنا مألوفة جدًا لدرجة أننا نادرًا ما نتساءل: من أين جاءت؟ ولماذا هي بهذا الشكل؟ تنويه: تم استخدام الصورة المرافقة لأغراض ثقافية أو توضيحية أو سردية، مع حفظ كامل الحقوق لأصحابها الأصليين لكن هناك نظرية شائعة تقول إن الأرقام العربية الأصلية صُمّمت بشكل هندسي يعتمد على عدد الزوايا في كل رقم. وهذه النظرية، رغم أنها لا تمثل الأصل التاريخي الدقيق المؤكد، إلا أنها تُستخدم كثيرًا في الشرح البصري لتقريب الفكرة وتبسيطها، خاصة في التعليم. كيف تعمل هذه الفكرة؟ الفكرة ببساطة هي أن كل رقم يحتوي على عدد من الزوايا يساوي قيمته العددية. لنأخذ مثالًا: الرقم 1: زاوية واحدة الرقم 2: زاويتان الرقم 3: ثلاث زوايا وهكذا حتى الرقم 9: تسع زوايا الرقم 0: لا زوايا هذه الطريقة تُظهر كيف يمكن للرمز أن يكون منطقيًا بصريًا، وهي تستخدم أحيانًا لتعليم الأطفال أو لتقديم الأرقام بطريقة جديدة لعشاق الرياضيات والتصميم. ...

النسب الجيني وصوت الإيمان

زاهر ڤويس .. النسب الجيني وصوت الإيمان بين العقل والإيمان: رحلة جينية نحو المجهول ما هو الـ DNA؟ الـ DNA (الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين) هو الشيفرة الوراثية التي تحمل تعليمات بناء وتشغيل الكائنات الحية، من الإنسان إلى أصغر بكتيريا. www.ZaherVoice.com© لماذا هو مهم؟ يحدّد صفاتك الوراثية (مثل لون العين، فصيلة الدم، وغيرها). يُستخدم في الطب (كالكشف عن الأمراض الوراثية). وفي العدالة الجنائية (تحليل البصمة الوراثية). وأيضًا في علم الأنساب وتتبع الأصل العرقي. وفي هذا المقال، ما يعنينا تحديدًا هو: الجانب المتعلق بالأنساب، وأثره على فهمنا لأصل الإنسان. كثيرًا ما نُجري فحوصات الحمض النووي (DNA) — وهو الشيفرة الوراثية التي تحمل كل الصفات التي نرثها من آبائنا وأمهاتنا — بحثًا عن "أصلنا"، لعل شاشة التحليل تبوح باسم قديم، أو تشير إلى نقطة البدء الأولى، ذلك الجد الجامع الذي تفرّعت منه كل الأنساب، سلالة بعد أخرى. وعلم الأنساب، كما عرفه البشر قديمًا، كان حكاية تُروى شفهيًا ثم تُسجَّل ...

صديقي الفضولي

زاهر ڤويس .. صديقي الفضولي قصة رمزية في أحد الأيام، كنتُ جالسًا مع أحد أصدقائي نشرب قهوتنا ونتحدث عن النساء، وعن الحب والغرام، وما إلى ذلك من حديث. ومن عادتي أن أدخّن بعد القهوة. وبينما كنا نتحدث، تنهدتُ وأشعلتُ سيجارة، وأخذتُ نفسًا عميقًا، ونظرتُ إلى السماء، ثم نفختُ دخان سيجارتي بقوة إلى الأعلى. www.ZaherVoice.com© سألني صديقي: – هل تحبها؟ قلت: نعم، بل أعشقها. قال: إلى هذه الدرجة؟ قلت: وأكثر من ذلك. قال: كيف!؟ أخذتُ نفسًا ثانيًا من سيجارتي، وقلت (وأنا أنفخ الدخان): – آه .. هي كل شيء بالنسبة لي، هي حياتي. قال (مستغربًا): هل تستطيع العيش بدونها؟ قلت: لا، مستحيل. حاولت، ولا أستطيع الاستغناء عنها. قال (وهو يعلم أنني كثير الأسفار): هل هي عربية؟ قلت: لا، بل هي أجنبية. قال (وهو يبتسم): أهي بيضاء؟ قلت (ضاحكًا): نعم، هي كذلك. نظر إلى عيني وقال (بخجل): هل يمكن أن تخبرني باسمها؟ ابتسمت وقلت له: هل من الضروري أن تعرف؟ قال: إذا لم يكن هناك مانع. قلت (وأنا أنصرف): لا، ليس لدي أي مانع، وبكل سرور اسمها ...